أهمية المثابرة

تصوَّر هذا: لديك وظيفة بأجر جيد؛ لكنَّك لا تحبها، لكن لنصيغها على هذا النحو: أنت تحب المال؛ لكنَّك لن تقوم بهذه المهمة مجاناً؛ إذ تفكر بأنَّك تحتاج إلى المال لتعيش؛ فلدينا جميعاً فواتير لندفعها وأشخاص يجب علينا الاهتمام بهم ومهام هامة يجب إكمالها، ونقوم بهذه الأشياء لأنَّنا إذا لم نفعل ذلك، فقد نُطرد ونفقد دخلنا، ودون دخل لا يمكننا دفع ثمن منزلنا وملابسنا وإجازاتنا وما إلى ذلك، وهذه هي الحياة الطبيعية، وقد أطلقت على هذه الحياة طبيعية؛ لأنَّها الطريقة التي يعيش بها 99% من جميع الأشخاص الذين أعرفهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية المثابرة.

بعد سنوات من عيش حياة طبيعية تتعود عليها، فأنت تعرف ما يجب أن تقول وتفعل للحفاظ على وظيفتك، وتعرف أيضاً الوقت الذي يمكنك فيه الاستيقاظ حتى تتمكن من الوصول إلى العمل في الوقت المحدد، وأعرف ذلك لأنَّ هذه الأفكار كانت تدور في ذهني عندما كان لدي عمل لم يعجبني، فكلُّ أسبوع كنت أضبط المنبه، وكنت أنتظر وقت انتهاء العمل للمغادرة على الفور.

نحن البشر أذكياء نتكيف بسرعة:

هذه بالضبط أكبر مشكلاتنا، فمن السهل أن نقع في شرك ما أسميه "دورة الإثارة والقبول"؛ إذ أمضيت معظم حياتي على هذا النحو: أجرب شيئاً جديداً، ثم أتقبله، وأعيد الدورة، ويمكن أن يكون الشيء الجديد أيَّ شيء، مثل وظيفة أو هدف أو رغبة أو علاقة؛ إذ تكون متحمساً بشأن شيء جديد، لكن بعد فترة تدخل في مرحلة القبول، وهذا ما أريد تجنبه؛ لأنَّ القبول يعني الركود، ممَّا يعني عدم إحراز تقدُّم.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتحسين مهارات المثابرة لديك

هل الركود سيئ؟

ربما لا يمانع معظم الناس الركود؛ فإنَّهم يملؤون حياتهم بالمتعة والترفيه، اقبل مكانتك في الحياة فقط، وحافظ على الوضع الراهن وعلى عملك، فيمكنك بسهولة أن تعيش حياتك دون نمو شخصي، ولا حرج في ذلك، لكن هذا لا يناسبني شخصياً لسبب واحد؛ أعتقد أنَّ حياة الترفيه غير مُجدية، لكن مع ذلك، لقد عانيت الركود مرات عديدة في الحياة، وأنا متأكد من أنَّني سأعود إلى الركود مرة أخرى في مرحلة ما، لكن إذا بقيت في وضعك لفترة طويلة، فإنَّ وضعك سيزداد سوءاً، فلا يوجد شيء اسمه الحفاظ على الوضع الراهن.

كما قالت الممثلة الشهيرة هيلين هيز (Helen Hayes)، التي كانت واحدة من 12 شخصاً فقط فازوا بجائزة إيمي (Emmy) وجائزة غرامي (Grammy) وجائزة أوسكار (Oscar) وجائزة توني (Tony Award): "إذا ارتحت، اعتدت الكسل"، وهذه الكلمات تجسِّد جوهر التقدم وسبب أهميته، وإذا نظرت إلى حياتي الخاصة، يمكنني أن أعطيك أمثلة عديدة لإثبات ذلك.

عندما بدأت عملي الأول، تعلَّمت كثيراً خلال العامين الأولين، لكنَّ تطوري توقف بعد ذلك لأنَّني لم أفهم هذه الفكرة، ولقد توقفت عن العمل بحماسة، فهل تعبت؟ لا ليس الأمر كذلك، فلم أعرف لماذا بدأت في التراخي، وحصل ما حصل، والشيء نفسه ينطبق على مدونتي؛ فما زلت أديرها منذ ثلاثة أعوام، لكن في وقت سابق من هذا العام، توقفت نوعاً ما عن ابتكار أفكار ومفاهيم جديدة، ومرة أخرى لا أعرف السبب، وأعتقد أنَّه شعورٌ طبيعي، لكنَّ ذلك لا ينطبق على الجميع، ولحسن الحظ يمكننا دراسة الآخرين والتعلم منهم.

التقدُّم يركز على المضي قدماً والنجاح يأتي بعد ذلك:

خذ على سبيل المثال كوبي براينت (Kobe Bryant)، أحد أفضل لاعبي كرة السلة في كلِّ العصور، وطيلة السنوات القليلة الماضية، كنت مفتوناً بعقليته والتزامه بالتدريب، فكان دائماً أول شخص يدخل صالة الألعاب الرياضية وآخر شخص يخرج منها.

إقرأ أيضاً: القوة المُذهلة للمثابرة

في صيف عام 1999، عندما كان الجميع يستريحون، حقق كوبي 100000 تسديدة، فلقد أحرز تقدماً بينما لم يكن معظم أقرانه كذلك، وفي أعوام 2000 و2001 و2003، فاز ببطولات مع فريق ليكرز (Lakers)، فلم يرتح ولم يتقاعس كوبي براينت، وكان يمكن أن يرتاح، لكن بدلاً من ذلك، سعى إلى تحقيق 100000 تسديدة؛ لأنَّ هذا هو ما يهمه.

إقرأ أيضاً: ما هي أهمية المثابرة وضبط النفس وبناء عادات إيجابية؟

في الختام:

يتعلق الأمر بالتحسن كلَّ يوم والمثابرة والتقدم، ولنسأل أنفسنا، ما هو الخيار الآخر؟ الجلوس على كرسي الشاطئ الخاص بك، والاستسلام، وقبول واقع الحياة؟ إذا كنت تريد شيئاً، فاسعَ إليه، وبالنسبة إلي لا يوجد خيار آخر، فأنا لست هنا لأرتاح أو أتقاعس، وأذكِّر نفسي بذلك طوال الوقت.




مقالات مرتبطة